كطبيب متحمس للصحة ومحب للرياضة والتمارين، فإنني أعلم جيداً مدى أهمية الصيام الصحيح والتغذية السليمة للحفاظ على لياقة بدنية مثالية.
لذلك، فإن صيام شهر رمضان المبارك يمثل لي تحدياً شخصياً وفرصة للتعلم والاستفادة من هذه التجربة الفريدة في الدنيا قبل الآخرة.
في الحقيقة، لطالما شعرت بالفضول تجاه الآثار الصحية المحتملة لصيام رمضان.
فمنذ صغري، كنت أراقب اهلي من قرب فترة الصوم طوال اليوم لننهي الصيام وقت غروب الشمس بوجبة خفيفة من حليب وتمر و وجبة رئيسية في المساء.
مع تقدمي في السن والتحاقي بكلية الطب، بدأت أدرك أن هناك العديد من الدراسات العلمية التي تستكشف الفوائد المحتملة لصيام رمضان على الصحة.
وقد أظهرت هذه الدراسات أن الصيام في رمضان يمكن أن يؤدي إلى مجموعة من التغييرات الإيجابية في مختلف المؤشرات الصحية.
على سبيل المثال، وجدت دراسة أجريت على أشخاص أصحاء أن الصيام خلال شهر رمضان أدى إلى انخفاض كبير في كتلة الدهون المطلقة لدى غير الرياضيين [1]. هذا يتماشى تماماً مع ملاحظاتي الشخصية حيث لاحظت من الناس المحيطة بي كانت تفقد بعض الوزن الزائد خلال شهر رمضان.
ومع ذلك، فقد لاحظت أيضاً أن هذا الفقدان في الوزن كان عابراً، حيث كانت استعادة معظم الوزن بعد انتهاء الصيام شبه أكيدة. وهذا يتوافق مع ما توصلت إليه بعض الدراسات من أن فقدان الوزن الذي كان حوالي 1.34 كجم قد لا يكون دائماً ويستعيده البعض بعد 4-5 أسابيع من عيد الفطر [2].
أما بالنسبة لي شخصياً، فقد واجهت صعوبة في الصيام خلال دراستي في الجامعة، حيث كنت أعاني من الجوع والعطش طوال اليوم. ولكن مع مرور الوقت، اكتشفت طرقاً لجعل الصيام أكثر سهولة، مثل شرب الكثير من السوائل قبل الفجر وتناول وجبات خفيفة ومغذية عند الإفطار مع التركيز على الطعام الطبيعي والغير معالج.
من المنتشر عندنا في بلدي قلة الإنتاجية في هذا الشهر الكريم! الناس يتعذرون بالجوع، عدم شرب القهوة والشاي أو حتى التدخين “لتعديل الرأس” أو “الكيف” بالعامية.
مما جعلني دائما استغرب لأن في حقيقة الأمر لا أشعر بما يشعرون واعتقد أن السبب واضح وضوح الشمس. لطالما شعرت بالخفة والهدوء فترة الصيام حتى أني أفضل الذهاب للرياضة فترة الصوم رغم اشتياقي للقهوة.
وهذا يتماشى مع ما توصلت إليه الدراسات من أن الصيام يؤدي إلى تغييرات في العمليات الأيضية بما في ذلك انخفاض معدل الأيض أثناء الراحة[2].
لا أعتقد بأني وحيد فالمسلمون خاضوا حروباً في رمضان! ونحن لا نستطيع حتى العمل في مكتب أو الدراسة! ياللعار.
السبب ليس الجوع أو قلة القهوة بل النوم. المفتاح هنا الحفاظ على جدول نوم مناسب في رمضان وغيره مع الحصول على عدد الساعات الكافية. للاسف نرى العكس أيامنا هذه حيث ينام الناس النهار ويسهرون الليل متناسيين العبادة والعمل منشغلين بالتلفاز والسوشيال ميديا.
لكن الفوائد لم تقتصر على فقدان الوزن فحسب. لاحظت أيضاً تحسناً في مستويات السكر في الدم وضغط الدم، وهي عوامل خطر رئيسية لأمراض مثل السكري ومشاكل القلب كما ثبت في الدراستين [3] [4].
ولكن ربما أكثر ما يلفت الانتباه هو الدراسات التي تشير إلى أن الصيام المتقطع قد يساعد في إطالة العمر في القوارض [5]. وجد الباحثون أن الفئران الخاضعة للصيام اليومي عاشت لفترة أطول بنسبة 25-28 أسبوعًا مقارنةً بالفئران التي تناولت الطعام بشكل مستمر.
قد لا تنطبق النتائج مباشرة على البشر ونحتاج لمزيد من البحث ومع ذلك شعرت بالدهشة والإثارة في آن واحد. فكرة أن نمط غذائي بسيط قد يساعدنا على العيش لفترة أطول كانت تبدو وكأنها خيال علمي.
أخيراً وليس آخرا فقد لاحظت أن صيام رمضان ساعدني على تطوير ضبط النفس والانضباط الذاتي وهذه اساساً احد الاسباب لماذا شرع الله الصيام. فالامتناع عن عن الشهوات لساعات طويلة يتطلب قوة إرادة كبيرة، وهذا بدوره ينعكس على جوانب أخرى من حياتي.