تمارين الإطالة قد تبدو في الوهلة الأولى ليست سوى مضيعة للوقت ولكنها لا تقل أهمية عن الرياضة نفسها للصحة العامة.
الإنسان الحديث يقضي معظم يومه جالساً بوضعيات تدمر عمودنا الفقري مع الوقت. اسئل نفسك، كم تعرف شخص في دائرتك المقربة يعاني من آلام الظهر أو الرقبة أو كلاهما حتى؟
بدأ اهتمامي بروتين الاطالة عندما جربتها لأول مرة في 2012. بدأت برنامج تمارين منزلي يسمى P90X مع المدرب الأمريكي توني هورتون حيث يمكنك متابعة الفيديو والقيام بالتمارين من راحة بيتك.
البرنامج كان شامل حيث كان يحتوي على تمارين المقاومة، الكارديو، الايزومتري, التورزان، اليوغا و الإطالة بشكل متناسق في خمسة أيام في الأسبوع لتغطية كل جوانب الجسم السليم وتقليل الإصابة وتحسين الشفاء.
من هنا بدأ غرامي بها خصوصاً بعد ملاحظتي تحسن وضعية الجسم عند الجلوس و الوقوف والاسترخاء الكبير الذي تحققه بعد تفعيل الجهاز الباراسمبثاوي المسؤول عن الراحة والهضم.
لنستكشف المزايا المدعومة علمياً لهذه التمارين وكيف يمكنك إدراجها في روتينك اليومي.
لماذا تمارين الإطالة مهمة؟
قبل عشرات السنوات كانت تمارين الاطالة مشهورة وتلقت صخب إعلامي كبير من لما لها من فوائد عديدة ولكن مؤخراً بعد دراسات مكثفة وجد بأن بعض هذه الفوائد قد تكون مبالغ فيها ويوجد الكثير من الكر والفر في هذا الخصوص على الساحة العلمية.
لنرى ماذا يقول العلم:
1. خفض مخاطر الإصابة:
في الحقيقة الأدلة متضاربة هنا. بعض الدراسات (2021 و 2023) تقول:
“يمكن أن تساعد تمارين الإطالة المنتظمة في تقليل مخاطر إصابات المفاصل والعضلات. من خلال تحسين المرونة ومدى الحركة، يصبح جسمك أكثر مقاومة للإجهاد البدني.”
بينما المراجعات المنهجية لتجارب المراقبة العشوائية (Systematic Review of Randomized Clinical Trials) و التي تعتبر اعلى الدراسات جودة ودقة تقول:
“من بين سبع دراسات، لم تجد أربع تجارب سريرية عشوائية (RCTs) أي انخفاض كبير في معدلات الإصابة، في حين أبلغت واحدة فقط من ثلاث تجارب سريرية خاضعة للرقابة (CCTs) عن انخفاض في الإصابات المرتبطة بالتمارين الرياضية. أشارت المراجعة إلى أن التمدد الثابت قد لا يكون فعالاً في الوقاية من الإصابات الشاملة ولكن من المحتمل أن يقلل من الإصابات العضلية الوترية.”
2. تحسين الأداء الرياضي:
يمكن أن تعزز تمارين الإطالة الديناميكية قبل التمرين الأداء الرياضي من خلال تحسين مدى حركة المفاصل (2018). وهذا مفيد بشكل خاص للأنشطة التي تتطلب مدى واسعًا من الحركة، مثل الركض أو الجمباز ولكن حتى في الحياة اليومية.
3. تحسين الدورة الدموية:
تحسِّن تمارين الإطالة تدفق الدم إلى العضلات، مما قد يساعد في تعافي العضلات وتقليل آلامها. ووجدت إحدى الدراسات الصغيرة أن برنامج تمارين الإطالة الثابتة لمدة 4 أسابيع حسَّن بشكل ملحوظ وظيفة الأوعية الدموية لدى المشاركين الـ 16.
4. زيادة مدى الحركة:
يمكن لكل من تمارين الإطالة الثابتة والديناميكية تحسين مدى حركتك، مما يجعل الأنشطة اليومية أسهل وأكثر راحة (2019). وهذا مهم بشكل خاص مع تقدمنا في العمر، حيث يساعد على الحفاظ على مدى الحركة مع التقدم في العمر والاستقلالية.
5. تقليل الألم:
لنكن واضحين، من منا منتبه لوضيعة جسمه طوال اليوم عند الجلوس والوقوف؟ لحسن الحظ، يمكن تمارين الإطالة أن تخفف من الألم الناجم عن تشنج العضلات وسوء وضعية الجسم.
قد أظهرت هذه الدراسة بأن روتين تمارين الإطالة لمدة 8 أسابيع انخفاضًا كبيرًا في الألم لدى طلاب الجامعات الذين يعانون من الآلام بسبب سوء وضعية الجسم.
6. الاسترخاء العقلي:
الفائدة المفضلة عندي! من تجربتي الخاصة بعد عدة سنوات من تمارين الإطالة قبل النوم، ستعزز تمارين الإطالة مع التنفس العميق والبطيء الاسترخاء وتقليل التوتر.
ويرجع ذلك إلى أنها تنشط الجهاز العصبي الودي (الباراسمبثاوي) المسؤول عن الراحة والهضم.
أنواع تمارين الإطالة
هناك نوعان رئيسيان من تمارين الإطالة: الديناميكية والثابتة. ولكل منهما غرض مختلف ويكون مفيدًا في أوقات مختلفة.
تمارين الإطالة الديناميكية:
تشمل تحريك مفصل أو عضلة بشكل نشط عبر مداها الكامل للحركة. وهي مثالية للإحماء قبل التمرين حيث تساعد على تهيئة عضلاتك للنشاط.
تمارين الإطالة الثابتة:
تشمل الإبقاء على الإطالة في مكانها لمدة 15 ثانية على الأقل. وهي مناسبة للقيام بها بعد التمرين لمساعدة العضلات على الاسترخاء والتعافي.
روتين إطالة يومي بسيط:
الجميل في الموضوع هو أن فوائد تمارين الاطالة عديدة و لا تحتاج لاستثمار الكثير من الوقت فيها. تحتاج فقط خمس دقائق في اليوم! من منا لا يملك خمس دقائق لتحسين صحته؟
ليس هذا فقط، لا يجب الوصول للحد الأقصى (100%) لمدى الحركة لدرجة الشعور بالألم الخفيف لحصول الفائدة، بل يكفي 30-40% أو ما يسمى بالمايكرو سترتش.
إليك روتين 5 دقائق يستهدف مجموعات العضلات الرئيسية ويمكن القيام به في أي مكان وفي أي وقت:
1. لف الرقبة:
قف منتصب القامة بحيث تكون قدماك على بعد عرض الكتفين. أخفض ذقنك قليلاً نحو صدرك وقم بلف رأسك برفق في حركة دائرية باتجاه عقارب الساعة لدورة واحدة، خلال حوالي 7 ثوانٍ.
استرح لمدة 5 ثوانٍ، ثم لف رأسك عكس اتجاه عقارب الساعة. كرر ذلك 3 مرات.
2. لف الكتفين:
قف منتصب القامة و أرخي ذراعيك وكتفيك. ارفع كتفيك ببطء وقم بلفهما للخلف في حركة دائرية. استمر في اللف للخلف 5 مرات، ثم اعكس الحركة للف لأمام.
كرر التسلسل مرتين.
3. إطالة الفخذان:
قف بحيث تكون قدماك على بعد عرض الوركين. اخطُ للخلف بساقك اليسرى وضع كلتا يديك على الأرض على جانبي قدمك اليمنى. اخفض وركيك حتى تشعر بإطالة في مقدمة وركك وساقك اليسرى.
احتفظ بتلك الوضعية لمدة 30 ثانية، ثم غير الجانب.
4. وضعية الطفل:
اثني ركبتيك واجعل أصابع قدميك متجهة للخلف، لتجلس على أعقابك، وأخفض صدرك نحو الأرض مع مد ذراعيك للأمام. احتفظ بهذه الوضعية لمدة 30 ثانية وكرر ذلك 3 مرات مع فترات راحة مدتها 10 ثوانٍ بين كل إطالة.
5. إطالة العضلات الأمامية للفخذ:
اجلس على الأرض بحيث تلامس باطن قدميك بعضهما البعض. ضع يديك على قدميك وامدد عمودك الفقري. انحنِ للأمام مع إبقاء ظهرك مستقيمًا، وقرب رأسك من قدميك.
حافظ على الوضعية لمدة 30 ثانية.
نصائح تمارين الإطالة الفعالة:
استمع لجسمك: يجب ألا تسبب تمارين الإطالة ألمًا. إذا شعرت بعدم الارتياح، خفف من شدة الإطالة.
المواظبة مهمة: حاول أن تقوم بتمارين الإطالة مرتين على الأقل إلى 3 مرات في الأسبوع، وزد تدريجيًا من مدتها كلما تحسن ادائك.
لا تتردد في مشاركة تمارينك المفضلة أو أي نصائح لديك في التعليقات أدناه!
شكرا جزيلا