هل لقيت روحك مرّة تقلب في الفيس أو الإنستغرام أو تيك توك أو غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي من غير ما تحس، وفجأة تلقى ساعة كاملة فاتت؟ مش بروحك، حتى أنا صارتلي! الدفق اللامنتهي من المنشورات واللايكات والإشعارات يغري، ويقدر يولي إدمان بمعنى الكلمة. بس السؤال هو: متى هوايتنا في التمرير واللايكات تصير مشكلة خطيرة؟
قبل أكثر من 10 سنوات، بدأت بالشعور بالضيق في كل مرة أفتح فيها حسابات السوشيال ميديا. شنو السبب؟ ممكن يكون أني تركت هواياتي وبدت الإشعارات تصطير على حياتي.
وقتها قررت تعطيل حساباتي فترة كتجربة ونشوف كيف حيتأثر التواصل مع العائلة والأصحاب. ايش تتوقعو؟
التواصل معهم لم يتأثر باتة لأن في طرق تواصل بديلة و شريت راحة بالي و وقتي! كان قرار ممتاز وقتها في فترة دراستي في الجامعة والى اليوم مش نادم عليه.
مع اني مكنتش مدمن في تصوري إلا أنه في بعض العلامات لاحظتها ونحب نشارك معاكم تجربتي. خلونا نغوص في عالم إدمان مواقع التواصل الاجتماعي ونشوفوا عليش أصبح موضوع ساخن في السنوات الأخيرة.
شنو هو إدمان مواقع التواصل الاجتماعي؟
الإدمان مش بس إنك تقعد وقت طويل أونلاين. هو رغبة قهرية أنك تستخدم مواقع التواصل، حتى لو على حساب حاجات أهم في حياتك. علامات الإدمان تتضمن:
تبي تشيك تلفونك على طول، حتى في أوقات مش مناسبة.
تحس بقلق أو عصبية لما ما تقدرش تدخل على السوشيال ميديا.
تهمل شغلك، دراستك، أو علاقاتك بسبب الاستخدام الزايد.
تهرب من مشاعرك السلبية باستخدام السوشيال ميديا.
هل هذا الكلام قريب منك؟ أنا مرة كنت أول ما نفيق من النوم، يدي على طول على التلفون قبل حتى ما نقوم من السرير. صارت حاجة تلقائية، وهنا استوعبت إني لازم نراجع علاقتي بالسوشيال ميديا.
التأثير النفسي
صح إن التواصل الاجتماعي يقدر يخليك قريب من الناس، لكن الإفراط فيه يقدر يأثر بشكل كبير على صحتك النفسية. الدراسات تبين إن فيه علاقة بين الاستخدام المفرط للسوشيال ميديا وزيادة في معدلات الاكتئاب، القلق، والوحدة.
الدكتورة “جين توينغ“، أستاذة علم النفس في جامعة سان دييغو، قامت ببحوث كثيرة على هذا الموضوع. في كتابها “iGen“، قدمت أدلة قوية على إن زيادة استخدام الهواتف الذكية والسوشيال ميديا ترتبط بزيادة في مشاكل الصحة النفسية بين المراهقين والشباب.
أحد الجوانب الخطيرة هو تأثيرها على احترام الذات. لما نقعد نقارن في روحنا بالصور المثالية للحياة اللي منشورة، نحس بنقص. حتى أنا وقعت في الفخ هذا، نقعد نفكر علاش حياتي مش زي اللي نشوفها أونلاين.
علم الأعصاب والإدمان
علاش السوشيال ميديا تسبب الإدمان؟ الجواب مرتبط بكيمياء المخ. كل مرة نلقى لايك أو تعليق، مخنا يفرز مادة الدوبامين، اللي هي نفس المادة المرتبطة بالإدمانات الأخرى.
الدكتورة “آنا ليمبكي“، طبيبة نفسية وخبيرة في الإدمان من جامعة ستانفورد، شرحت هذي العملية في كتابها “أمة الدوبامين“. تحكي كيف التحفيز المستمر من السوشيال ميديا يسبب حالة نقص في الدوبامين، وينتهي بنا المطاف نحتاجوا المزيد والمزيد من التحفيز باش نحسوا بالرضا.
وهذا يفسر علاش مرات تلقى روحك ماسك في التلفون، حتى وأنت تعرف إنك لازم تكون تدير في شيء ثاني. مخك راهو يطلب جرعة جديدة من الدوبامين.
الربح على حساب صحتنا
هل تساءلت يومًا لماذا من الصعب تسييب هاتفك؟
الموضوع مش مجرد نقص في الإرادة – منصات التواصل الاجتماعي مصممة عمدًا بيش تخليك مدمن عليها. عدد من موظفين التقنيات السابقين فضحوا الأساليب هذي وكشفوا كيف اهتماماتنا يتم استغلالها لأغراض الربح.
مصممة للإدمان
شركات وسائل التواصل الاجتماعي تشغل فرق من علماء النفس، وعلماء البيانات، وخبراء تجربة المستخدم بيش يخلو منصاتهم جذابة (ومسببة للإدمان) قدر الإمكان.
بعض الأساليب الأساسية تشمل:
التمرير اللانهائي: مافيش نقطة توقّف طبيعية، فنستمر في التمرير بلا توقف.
جداول المكافآت المتغيرة: الطبيعة غير المتوقعة للإعجابات والتعليقات والإشعارات تخدم نفس آليات الإدمان زي ماكينات القمار.
خاصية التشغيل التلقائي: الفيديوهات تبدأ تتشغل بروحها، فنلقى صعوبة في الابتعاد.
الخوارزميات المخصصة: الصفحة متاعنا تتعدل بيش تعرض لنا المحتوى اللي عندنا احتمالية كبيرة بيش نتفاعل معه، فنلقوا نفسنا في حلقة مفرغة.
موظفين فضحوا السر
في السنوات الأخيرة، بعض موظفين سابقين في الشركات الكبرى في مجال التكنولوجيا طلعوا للعلن وكشفوا عن الأساليب التلاعبية اللي تستخدم في تصميم وسائل التواصل الاجتماعي:
تريستان هاريس، مصمم أخلاقي سابق في جوجل، كان صريح بخصوص “السباق للأسفل في جذع الدماغ” – كيف شركات التكنولوجيا تتنافس على اهتمامنا من خلال استغلال غرائزنا الأساسية.
فرانسيس هاوجن، موظفة سابقة في فيسبوك، سربت وثائق داخلية تظهر أن الشركة كانت واعية بالأضرار اللي تسببها منصاتها، خاصة على الصحة النفسية للمراهقين، لكنها فضلت النمو والتفاعل على حساب صحة المستخدمين.
غيوم شاسلو، مهندس سابق في يوتيوب، كشف كيف خوارزمية التوصيات على المنصة تفضل المحتوى المثير للجدل والتطرف باش تخلي المستخدمين متواصلين في المشاهدة.
الفضائح هذي قدمت لنا رؤى قيمة على اللي يصير في الداخل في الشركات العملاقة لوسائل التواصل الاجتماعي، وبيّنوا الفرق بين التصريحات العامة بخصوص صحة المستخدمين والممارسات الداخلية اللي تركّز على تحقيق أكبر قدر من التفاعل مهما كان الثمن.
اقتصاد الانتباه: نحن السلعة
لازم نفهم إن معظم منصات التواصل الاجتماعي تشتغل على نموذج عمل حيث إن الانتباه متاعنا هو السلعة اللي يتم بيعها للمعلنين. كل ما نطولو في الاستخدام، كل ما نشوفو إعلانات أكثر، وكل ما يربحو هالمؤسسات فلوس أكثر.
هدا يخلق تضارب مصالح أساسي. رغم إن شركات التواصل الاجتماعي ممكن تدّعي إنها تهتم برفاهية المستخدمين، إلا إن الحوافز المالية متاعهم ترتبط بإبقائنا متصلين بالشاشات، بغض النظر عن تأثير الشيء هضا على صحتنا النفسية أو إنتاجيتنا.
زي ما قال جارون لانير، رائد الواقع الافتراضي وناقد التكنولوجيا: “المنتج الحقيقي هو التغيير التدريجي، الطفيف، والغير محسوس في سلوكك وإدراكك.” مش بس قاعدين نستخدمو هالمنصات، بل هي اللي قاعده تشكل في سلوكياتنا، أفكارنا، وحتى فهمنا للعالم اللي حوالينا.
تأثير الإدمان على الإنتاجية وفترات الانتباه
في عالمنا المتصل على طول الوقت، الإشعارات والرسائل المستمرة من وسائل التواصل الاجتماعي قاعده تأثر بشكل كبير على قدرتنا في التركيز وإنجاز المهام. كيف؟
التنقل بين المهام والعبء المعرفي:
كل مرة نتحقق من وسائل التواصل، نُجبر عقولنا على التبديل بين المهام. الدكتورة جلوريا مارك، أستاذة المعلوماتية في جامعة كاليفورنيا، لقت إن المتوسط الزمني اللي تحتاجه باش تسترجع تركيزك بعد انقطاع هو 23 دقيقة و15 ثانية (1). حتى لمحة سريعة على الإشعارات تقدر تقطع تسلسل أفكارك وتقلل إنتاجيتك العامة.
تقصير فترات الانتباه:
الطابع السريع لمحتوى وسائل التواصل – الفيديوهات القصيرة، المنشورات السريعة، والتحفيز المستمر – قاعد يعيد تشكيل عقولنا باش نتوقع الرضا الفوري.
دراسة من مايكروسوفت لقت إن المتوسط الزمني لانتباه الإنسان قل من 12 ثانية في سنة 2000 إلى 8 ثواني في سنة 2015 (2). رغم إن منهجية الدراسة تعرضت للنقد، إلا إن معظم الباحثين متفقين إن قدرتنا على الحفاظ على التركيز تحت تهديد.
خرافة تعدد المهام:
ممكن نعتقد إننا نكونوا منتجين لما نحاولوا نديروا عدة مهام في نفس الوقت بين وسائل التواصل والعمل، لكن الأبحاث أظهرت إن تعدد المهام في الحقيقة مجرد وهم. اللي نديروا في الواقع هو التبديل السريع بين المهام، وهذا يقلل من كفاءتنا وجودة شغلنا.
الإلهاء المدفوع بالدوبامين:
وسائل التواصل تحفز إفراز الدوبامين، الناقل العصبي المرتبط بالإحساس بالسعادة. هدا يقدر يخلق حلقة مفرغة حيث نبحث عن هالدُفعات الصغيرة من السعادة بشكل غير واعي، مما يلهينا عن المهام اللي تكون أقل جاذبية لكن أكثر أهمية.
تأثير على العمل العميق:
كال نيوبورت، مؤلف كتاب “العمل العميق”، يجادل بأن التشتيت المستمر من وسائل التواصل الاجتماعي قاعد يقوض قدرتنا على الانخراط في عمل ذهني مركّز وقيم. هذا النوع من التركيز العميق مهم للابتكار وحل المشكلات والمساعي الإبداعية.
وسائل التواصل الاجتماعي واضطراب النوم
العلاقة بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والنوم أصبحت مصدر قلق متزايد بين المختصين في الصحة. هكي السبب:
التعرض للضوء الأزرق:
الضوء الأزرق اللي يطلع من أجهزتنا يقلل من إنتاج هرمون الميلاتونين، اللي ينظم في دورة النوم واليقظة. استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم يقدر يخدع المخ ويخليه يعتقد إن الوقت مازال نهار، وهذا يصعّب علينا إننا نرقدوا بسرعة.
التحفيز العاطفي:
التفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي يقدر يكون محفز عاطفياً، سواء كان من نقاشات حادة، أخبار مشوقة، أو حتى مقارنات تسبب قلق. هالتحفيز العاطفي يزيد من صعوبة الاسترخاء والاستعداد للنوم.
الخوف من تفويت شيء مهم (FOMO):
الخوف من إنك تفوت أخبار أو أحداث مهمة يقدر يخليك تتحقق من وسائل التواصل الاجتماعي باستمرار حتى ساعات متأخرة من الليل، مما يؤخر وقت النوم.
اضطراب دورات النوم:
الدكتور تشارلز زيزلر، خبير في النوم بجامعة هارفارد، يحذر من إن طبيعة وسائل التواصل الاجتماعي اللي تشتغل 24 ساعة في اليوم تخرب في إيقاعاتنا البيولوجية الطبيعية. هذا يقدر يسبب حالة مزمنة من “اضطراب الساعة البيولوجية الاجتماعية”، حيث دورات النوم الطبيعية متاعنا تكون غير متزامنة مع التزاماتنا الاجتماعية.
تقليل جودة النوم:
حتى لما نرقدوا، وجود الهواتف الذكية في غرفة النوم تقدر تقلل من جودة النوم. دراسة نُشرت في مجلة “PLOS One” لقت إن الأشخاص اللي يستخدموا وسائل التواصل الاجتماعي لفترات طويلة يعانوا من جودة نوم أسوأ، حتى لما يتحكموا في عوامل زي القلق والاكتئاب (3).
الدائرة المفرغة:
قلة النوم تقدر تؤدي للإرهاق خلال النهار، واللي يقدر يخليك تلجأ لوسائل التواصل الاجتماعي كنوع من التحفيز، مما يستمر في دورة اضطراب النوم.
تأثيرات اجتماعية أكبر
تأثيرات إدمان السوشيال ميديا تمتد لأكثر من هكي:
التنمر الإلكتروني: السوشيال ميديا عطت فرصة للمتنمرين باش يضايقوا ضحاياهم على طول اليوم.
نشر المعلومات الكاذبة: السرعة في نشر المعلومات غير المؤكدة تساهم في انتشار الأخبار الزائفة والنظريات المؤامراتية.
الاستقطاب السياسي: الخوارزميات في السوشيال ميديا تخلق “غرف صدى”، تعزز المعتقدات الموجودة وتصعب التواصل مع وجهات نظر مختلفة.
هذي مشاكل معقدة مافيهاش حلول سهلة، لكن الوعي بكيفية تأثير استخدامنا للسوشيال ميديا على هذي الأمور هو خطوة أولى مهمة.
استراتيجيات لتحسين عادات النوم هنا.
كيف تفك روحك من الإدمان: خطوات لعلاقة صحية مع السوشيال ميديا
لو كنت قلق بشأن عاداتك في استخدام السوشيال ميديا، هنا بعض الخطوات العملية اللي تقدر تجربها:
1. حدد حدود: استخدم مؤقتات التطبيقات أو خصص أوقات معينة خالية من التلفون خلال اليوم.
2. درب وعيك: قبل ما تفتح أي تطبيق، وقف وفكر ليش تبي تدخله.
3. نظف حسابك: ألغي متابعة الحسابات اللي تسببلك مشاعر سلبية أو تحفزك على المقارنة الغير صحية.
4. لاقي بدائل: بدل بنشاطات تسعدك في العالم الحقيقي.
5. خذ استراحات: حاول تأخذ فترات راحة منتظمة من السوشيال ميديا، حتى لو ليوم أو ويكند.
بالنسبة ليا، استخدام التفكير ليش فتحت التطبيق توا، وضع الطيران، إيقاف الإشعارات وخلي تلفوني بعيد عن السرير ساعدني بشكل كبير في قدرتي على فصل نفسي عن السوشيال ميديا.
المستقبل أمامنا
السوشيال ميديا مش راح تختفي قريب، وعندها جوانب إيجابية كثيرة. المفتاح هو إننا نلقى توازن يخليها تخدمنا من غير ما تسيطر على حياتنا.
مع استمرارنا في التعامل مع تأثيرات الحياة المتصلة أكثر فأكثر، من المهم إننا نبقوا واعيين بعاداتنا الرقمية ونتخذ قرارات واعية حيالها. من خلال فهم آليات الإدمان، نقدر نخطوا خطوات أكثر وعيًا في علاقتنا بالعالم الرقمي.
شنو رأيك في موضوع إدمان السوشيال ميديا؟ هل مررت بأي من المشاكل اللي حكينا عليها؟ نحب نسمع رأيك في التعليقات!