اضطرابات النوم من المشاكل الشائعة في يومنا هذا ويمكن تعريفها بأنها حالة تعطل أنماط النوم الطبيعية، مما يؤثر على جودة النوم وتوقيته وكميته. يمكن أن تؤدي هذه الاضطرابات إلى تراكم التعب وتأثير على التركيز و المجهود العضلي, زيادة احتمال الإصابة بالعديد من الأمراض والحوادث.
النوم هو احتياج أساسي، وعادة ما يحدث في نمط من ثلاث إلى خمس دورات في الليل، تتضمن نوم حركة العين السريعة (REM)، حيث تحدث معظم الأحلام، والنوم حركة العين الغير سريعة، الذي يتكون من ثلاث مراحل.
هناك أكثر من 80 نوعًا مختلفًا من اضطرابات النوم، ومن بين أشهرها والتي سأتحدث عنها هنا, متلازمة تململ الساقين، والأرق، والنوم القهري، واضطراب التنفس أثناء النوم.
يمكن أن تؤثر اضطرابات النوم على الأشخاص من جميع الأعمار، و الكمية المثلى من النوم تتفاوت حسب العمر، حيث يحتاج الأطفال والمراهقون غالبًا إلى مزيد من النوم من الكبار.
إذا كنت تواجه صعوبة في الحصول على نوم جيد أو تعاني من أعراض تعيق نشاطك خلال النهار، تعلم نظافة النوم أولا وإذا استمر الأمر فإنه من الضروري استشارة طبيب مختص.
الأرق العائلي القاتل
في أحد الأزقة الصغيرة في قرية إيطاليا, عاشت عائلة تعاني من مرض غامض ومميت. بدأت قصة هذه العائلة في القرن الثامن عشر عندما شهد أحد الأطباء في نسله أعراضًا غريبة للمرة الأولى. مع مرور السنوات، تم نقل هذا المرض من جيل إلى جيل، مخلفًا آثاراً من المعاناة في طريقه.
كان هذا المرض يُعرف باسم “الأرق العائلي القاتل“. اسمه كان يعبر عن الحقيقة؛ إذ كان يسلب ضحاياه من القدرة على النوم، مما يؤدي في النهاية إلى وفاتهم خلال أشهر قليلة. تخيل أن تكون مستيقظًا لأيام وأسابيع وشهور دون أن تجد لنفسك راحة. إنها كانت معاناة قاسية ولا ترحم.
في الثمانينيات، واجه رجل يُدعى سيلفانو، وهو عضو في هذه العائلة الملعونة، الواقع المحزن بأنه سيكون ضحية هذا المرض الرهيب. كان سيلفانو رجلًا حيويًا، معروفًا بسحره وحبه للحياة. كان يرتدي البدل حتى في خروجاته اليومية العادية، رمزًا لحبه للعيش.
ولكن سيلفانو كان مختلفًا عن معظم الناس. كان يعلم أن حياته كانت على مسار مأساوي ولا يمكن إيقافه. لقد فتك المرض بالفعل بـ 2 من أخواته، ولاحظ علامات البداية عنده – التعرق الزائد و تضيق البؤبؤ .
ومع ذلك، لم يكن سيلفانو من النوع الذي يستسلم بسهولة. بدلاً من الاستسلام لليأس، اتخذ قراراً شجاعًا. سيكرس وقته المتبقي لفك طلاسم المرض الذي اجتاح عائلته لأجيال. بهذا العزم، شرع في رحلة لفهم ما كان يقتل أحبائه.
مع تجسيد أعراض المرض في جسده، سعى سيلفانو للحصول على مساعدة من الأطباء الذين كانوا عازمين على كشف هذا اللغز الطبي الغامض. انطلقوا في رحلة بحث شاقة، حيث استخدموا كل أداة في متناولهم لفهم طبيعة هذا المرض.
مع تساقط قطع اللغز في مكانها، بدأ الأطباء والباحثون في الاشتباه في أن المرض قد يكون ناجمًا عن جاني غير تقليدي – بروتين يُدعى “البريون“. كانت البريونات مختلفة تمامًا عن الفيروسات أو البكتيريا. فقد كانت تفتقر إلى DNA ولم تعتبر كائنات حية. ومع ذلك، كان لديهم القدرة الغامضة على تشكيل بروتينات طبيعية وتشغيل سلسلة من الضرر في الدماغ.
كان سيلفانو و الأطباء متأكدين من عدم وجود علاج لهذا المرض الشنيع وكان كل تركيز سيلفانو مساعدة الأطباء و الباحثين لفهم هذا المرض لمساعدة الغير من عائلته في المستقبل. توفي سيلفانو بعد 8 أشهر من بداية المرض وهو من أوائل الحالات المدروسة لهذا اللغز الطبي النادر.
متلازمة تململ الساقين
هذه المتلازمة يشعر صاحبها بالتململ والحكة والوخز والألم في الساقين مع رغبة لا تُقاوَم في تحريكهما. على الرغم من أن الأشخاص المختلفين قد يصفون متلازمة تململ الساقين بشكل مختلف، إلا أن النتائج تكون متشابهة: ليالي بلا نوم وأيام من دون هدوء. ماذا يعني أن يتم تشخيص شخص بمتلازمة تململ الساقين؟
لين كايزر، تعتقد أنها عانت من متلازمة تململ الساقين معظم حياتها. تتذكر أنها كانت تستيقظ في منتصف الليل لتأخذ حمامًا ساخنًا أو تملأ زجاجة ماء ساخن لمحاولة تخفيف الإحساس بالوخز في ساقيها. اليوم، تعمل السيدة كايزر على دعم مرضى متلازمة تململ الساقين.
تقول أن الأدوية التي تحتوي على الدوبامين، بالإضافة إلى الخياطة، تساعدها في “الانغماس” في نفق حيث يمكنها تشتيت انتباهها عن الإحساس الغير مريح.
تقول السيدة كايزر أن أعراض متلازمة تململ الساقين أثرت على علاقتها مع زوجها. لم يستطع فهم سبب عدم قدرتها على الاسترخاء في السرير معه، أو لماذا تقوم بالنهوض في منتصف الليل لتجلس في حمام ماء ساخن.
بسبب متلازمة تململ الساقين، تجد السيدة كايزر صعوبة في السفر. تعلم أيضًا أن الأدوية المستخدمة لعلاج متلازمة تململ الساقين تفقد فعاليتها مع مرور الوقت، لذا تركز على شعورها في الحاضر. “أنا حقًا أحاول عدم التفكير في المستقبل”.
غالبًا ما يحدث هذا الاضطراب أثناء الساعات المسائية أو أثناء الليل عندما يجلس الشخص أو يستلقي، وتساعد حركة الساقين مؤقتًا في تخفيف الإحساس الغير مريح. يمكن أن تكون متلازمة تململ الساقين مرتبطة أيضًا بحركة الأطراف الدورية أثناء النوم (PLMS)، والتي تسبب حركات لا إرادية للساقين وأحيانًا الذراعين أثناء النوم.
السبب الدقيق لمتلازمة تململ الساقين ليس مفهومًا جيدًا، ولكن قد يكون مرتبطًا بالنواة القاعدية، الجزء من الدماغ الذي ينظم الحركة.
الدكتور دافيد راي، أستاذ الطب العصبي في جامعة إموري في أتلانتا، اكتشف أن لديه متلازمة تململ الساقين بعد عدة سنوات من البحث حول المرض.
يقول إن العديد من أفراد المجتمع الطبي يعتقدون أن متلازمة تململ الساقين هي مرض نفسي بدلاً من مرض جسدي. ومع ذلك، كان الدكتور راي وزملاؤه من بين أوائل الذين اكتشفوا تغيرًا جينيًا مرتبطًا بمتلازمة تململ الساقين. العوامل الوراثية تساعد في تفسير لماذا تكون متلازمة تململ الساقين أكثر انتشارًا بكثير بين القوقاز من بين الأعراق الأخرى.
يقول إن العديد من الأشخاص الذين لا يدركون أن متلازمة تململ الساقين هي التي تسبب لهم ليالي لا نوم قد يحاولون علاج أنفسهم بالكحول أو الأدوية دون وصف طبي للمساعدة في تحسين النوم. في الواقع، أظهرت الدراسات أن هذه الأدوية تجعل متلازمة تململ الساقين أسوأ.
العوامل التي تساهم في متلازمة تململ الساقين تشمل الوراثة، واضطراب الدوبامين، ونقص الحديد. يمكن تشخيص متلازمة تململ الساقين من خلال الفحص البدني والعصبي، وتشمل خيارات العلاج تغييرات في نمط الحياة، والأدوية.
انقطاع النفس الانسدادي النومي
يعاني أنتوني البالغ من العمر 65 عامًا، من مشكلات في النوم لعدة سنوات. منذ 25 عامًا، عندما كان عمره 40 سنة، تم تشخيصه باضطراب التنفس أثناء النوم حيث تسترخي العضلات التي تدعم الأنسجة اللينة في الحلق، مما يؤدي إلى تضييق الجهاز التنفسي أو إغلاقه، مما يؤدي إلى انخفاض أو توقف تام في تدفق الهواء.
يؤدي ذلك إلى اضطراب في النوم طوال الليل وإصدار أصوات عالية (الشخير). وقد تم ربط الانسداد النومي بعدة امراض، بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكتة الدماغية.
يصف أنتوني حالته قائلاً: “كل صباح، كنت أستيقظ أكثر تعبًا مما كنت عليه عندما ذهبت إلى السرير، كلما نمت أكثر، كنت أشعر بالتعب أكثر. كانت زوجتي تجدني نائمًا في الحمام، ولم تسمح لي بقيادة الأطفال لأنها كانت خائفة من أن أتورط في حادث، كنت بالكاد قادرًا على الذهاب إلى العمل. كنت أعتقد أنني في طريقي للموت“.
يمكن أن ينتج عن ذلك انخفاضات جزئية في التنفس أو توقف تام فيه يستمر لمدة لا تقل عن 10 ثوانٍ، مما يمكن أن يؤدي إلى انخفاضات حادة في تشبع الدم بالأكسجين، مع انخفاض مستويات الأكسجين بنسبة تصل إلى 70-80% (الطبيعي ليس أقل من 90% )
يستجيب الدماغ لقلة الاكسجين عن طريق إنذار الجسم، مما يؤدي إلى استفاقة قصيرة من النوم لإعادة التنفس الطبيعي. يمكن أن يحدث هذا النمط مئات المرات في ليلة واحدة، مما يؤدي إلى نوم متقطع.
الأعراض الأكثر شيوعًا هي الشخير بصوت عال ومتكرر، مع فترات من الصمت عند تقليل أو منع تدفق الهواء.
تشمل الأعراض الأخرى التعب والنعاس، وصعوبة التركيز، و صداع الصباح، والتهيج، و ارتفاع ضغط الدم، وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والأمراض النفسية، وانخفاض جودة الحياة بصفة عامة.
يمكن أن يحدث انقطاع النفس الانسدادي النومي في أي مجموعة عمرية، ولكن انتشاره يزيد بين الأعمار الوسطى وكبار السن.
العوامل المسببة لانقطاع النفس الانسدادي النومي تشمل:
1. الوزن الزائد والبدانة: في البالغين، السبب الأكثر شيوعًا لانقطاع النفس الانسدادي النومي.
2. مسالك تنفسية أضيق: بعض الأشخاص يمتلكون مسالك تنفسية ضيقة بشكل طبيعي، مما يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بانقطاع النفس الانسدادي النومي.
3. شكل مجاري الهواء: بعض العوامل مثل انحراف الحاجز الأنفي أو تضخم اللوزتين يمكن أن تسهم في تطوير انقطاع النفس الانسدادي النومي.
4. الأمراض: الحالات الطبية مثل فرط نشاط الغدة الدرقية، ومتلازمة تكيس المبايض، وقصور القلب وارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري من النوع الثاني، وأمراض الرئة المزمنة يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بانقطاع النفس الانسدادي النومي.
5. العمر: يزداد خطر الإصابة بانقطاع النفس الانسدادي النومي مع التقدم في العمر، على الرغم من أنه يبدو أنه يستوي بعد سنوات الستين والسبعين.
6. الجنس: الرجال أكثر عرضة للإصابة من النساء، على الرغم من أن خطر الإصابة بالنسبة للنساء يزيد بعد انقطاع الطمث.
7. تاريخ العائلة: وجود تاريخ عائلي لانقطاع النفس الانسدادي النومي يمكن أن يزيد من خطر الإصابة.
8. استخدام الكحول والمهدئات: الكحول والمهدئات يمكن أن تسترخي العضلات في الحلق، مما يزيد من احتمال انسداد المسالك التنفسية أثناء النوم.
9. التدخين: التدخين يمكن أن يزيد من التهاب المسالك التنفسية العليا واحتباس السوائل فيها، مما يزيد من احتمال انسداد المسالك التنفسية أثناء النوم.
هذه العوامل تلعب دورًا في زيادة احتمالية الإصابة بانقطاع النفس الانسدادي النومي، وتحتاج إلى مراعاتها للحفاظ على صحة النوم.
تشمل العلاجات الشائعة استخدام ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر (CPAP)، والذي يتضمن ارتداء قناع على الأنف أو الفم أثناء النوم للحفاظ على فتح المسالك التنفسية.
يمكن أن تساعد الجراحة، مثل إزالة الأنسجة في علاج انقطاع النفس الانسدادي النومي الناجم عن الانسدادات. يمكن أيضًا أن يساعد فقدان الوزن في تقليل شدة انقطاع النفس. النوم على الجانب أو استخدام أجهزة خاصة لمنع النوم على الظهر، وسيلة للحفاظ على المسالك التنفسية مفتوحة.
يمكن أيضًا أن تساعد التغييرات في نمط الحياة، مثل تجنب شرب الكحول والأدوية المهدئة قبل النوم، والحفاظ على جدول نوم منتظم، وممارسة عادات نوم صحية جيدة، في التحكم في أعراض انقطاع النفس الانسدادي النومي.
النوم القهري
كانت سوزان ريغان في يوم من الأيام تُعرف باسم “سندريلا النوم“. هذا اللقب كان يُستخدم من قبل معلمتها في المدرسة للسخرية منها بسبب نومها أثناء الدروس. ولكن لم تكن سوزان تغفو في صف الاسبانية، بل كانت تنام في جميع دروسها وانتهت بالرسوب في دراستها للغة الإسبانية.
لم يكن لديها أبدًا اعتقاد بأن أنماط نومها الفريدة مرتبطة بمرض حيث كانت سوزان تعاني من التعب المستمر ونقص في الطاقة ونوم في النهار.
النوم القهري هو اضطراب عصبي مزمن يعيق قدرة الدماغ على تنظيم دورات النوم والاستيقاظ، مما يسبب نعاسًا مفرطًا في النهار و صعوبات في المهام اليومية وربما يسبب حوادث وإصابات.
السبب الدقيق للنوم القهري غير معروف، ولكن يعتقد أنه مرتبط بمزيج من العوامل الوراثية والبيئية. المرضى من النوع 1 من النوم القهري لديهم مستويات منخفضة من الهيبوكريتين، وهي مادة كيميائية في الدماغ تسيطر على اليقظة ونوم حركة العين السريعة REM. يمكن أن يهاجم الجهاز المناعي بشكل خاطئ الخلايا المنتجة للهيبوكريتين أو المستقبلات التي تسمح له بالعمل.
تاريخ سوزان يعتبر معتادًا نسبيًا بين مصابي المرض، وفقًا لنانسي فولدفاري مديرة مركز اضطرابات النوم. “غالبًا ما يستغرق سنوات لتأكيد التشخيص الصحيح”.
“ومع ذلك، يمكن أن يؤدي العلاج المناسب إلى تحسينات سريعة وملحوظة في جودة الحياة.” تشعر سوزان بامتنان شديد تجاه الدكتورة فولدفاري على دعمها طوال رحلتها في البحث عن الدواء الذي يناسبها بشكل أفضل.
تقول سوزان “أنا فعلا قادرة على البقاء مستيقظة والقيام بالأشياء مثل الأشخاص العاديين. بالطبع، هناك دائمًا آثار جانبية للأدوية، لكنني أقول إن الآثار الجانبية تكاد تكون ضئيلة مقارنة بما تقدمه لك من فائدة.”
الملخص
في النهاية سنلخص ما تعلمناه حول اضطرابات النوم. بدأنا بالتحدث عن أهمية النوم وكيف يؤثر هذا على صحتنا وأدائنا اليومي. تعرفنا أيضًا على أنواع مختلفة من اضطرابات النوم، مثل متلازمة تململ الساقين واضطراب التنفس أثناء النوم.
فهمنا أن هذه الاضطرابات يمكن أن تؤثر على الأشخاص في جميع الأعمار، وأهمية استشارة الطبيب إذا كان هناك مشكلات في النوم. ومن المهم أيضًا توفير نوم جيد والبحث عن العلاج المناسب لهذه الاضطرابات.
من ثم، تناولنا بعض الاضطرابات النومية الشائعة بمزيد من التفصيل. تعرفنا على متلازمة تململ الساقين وكيف تؤثر على النوم والحياة اليومية. كذلك، تعرفنا على انقطاع النفس الانسدادي النومي وأثره على صحة الأفراد.
تحدثنا عن العوامل المختلفة التي تسهم في هذه الاضطرابات وأهمية البحث عن العلاج المناسب. أخيرًا، تعرفنا على قصة سوزان ريغان وكيف تغلبت على النوم القهري بفضل العلاج المناسب.
إذا كنت تعاني من مشكلات في النوم، فأنصحك بشدة بالتحدث مع طبيب للحصول على الدعم والمساعدة اللازمة. النوم الجيد يلعب دورًا حاسمًا في صحتنا وجودتنا في الحياة اليومية، لذا لا تتردد في طلب المساعدة والعناية بصحتك.
مرحبًا بك دائمًا! أنا هنا لأقدم لك محتوى مميز ومفيد من خلال نشرتي الشهرية. يمكنك الاشتراك لتحصل على آخر المقالات والنصائح التي تساعد في تحسين نمط حياتك. وليس هذا كل شيء، يمكنك أيضًا مشاركة تجربتك وأفكارك معي. أتطلع دائمًا إلى سماع آرائك ومشاركتك في مجتمعي.
