الساعة البيولوجية وأهميتها في تنظيم النوم

في المدونة الماضية، تم التطرق إلى بعض المفاهيم الأساسية للنوم، ولكن بالطبع، هناك العديد من الجوانب والتفاصيل الأخرى التي يمكن استكشافها حول هذا الموضوع. والهدف من هذه المقالة هو التطرق لموضوع الساعة البيولوجية وفهم أهميتها ودورها في النوم والاستيقاظ.

 

كيف ينظم الجسم النوم؟

الجسم ينظم النوم من خلال آليتين رئيستين:

 

 

Original: GYassineMrabetTalk

التوازن بين النوم واليقظة. هذا المصطلح الفني يصف شيئًا يعرفه معظمنا ضمنيًا من خلال التجربة: كلما زاد وقت استيقاظك، زادت حاجتك إلى النوم. حاجتك للنوم ولنسميها “ضغط النوم” تحدث بسبب تراكم مادة تسمى بالادينوسين في جهازنا العصبي المركزي ومع انقضاء اليوم تكون في أعلى مستوياتها وترسل اشارات النوم.

 

على الطرف الأخر من المعادلة, توجد اليقظة. نشعر بالانتعاش و النشاط بعد قسط كاف من النوم حيث يتم التخلص من الأدينوسين طوال الليل ويشعر الجسم بالحاجة للاستيقاظ هذان الاثنان في حالة استقرار مستمر تسمى بـ (homeostasis).

 

نظام الساعة البيولوجية:


جزء من ساعة الجسم الداخلية تستمر حوالي 24 ساعة و 30 دقيقة وتلعب دورًا مركزيًا في العديد من العمليات البيولوجية، بما في ذلك النوم.


التعرض للضوء هو أكبر تأثير على هذه الأنماط الدورية الليلية أو ما يسمى الإيقاعات اليومية، حيث يشجع على اليقظة أثناء النهار والنعاس ليلاً. لذا من المهم التعرض لضوء الشمس بعد الاستيقاظ مباشرة.

 

 

هذان العاملان يؤثران مباشرةً على مدى حاجة جسمك للنوم، مع انعكاس لساعة الجسم البيولوجية، و وقت اليوم، وتعرضك للضوء، وكم مضى من الوقت منذ استيقاظك.

 

 

بالإضافة إلى ذلك، هناك مجموعة واسعة من العوامل الخارجية التي يمكن أن تؤثر على التوازن بين النوم واليقظة ونظام الساعة البيولوجية. على سبيل المثال، يمكن أن تؤثر غرفة النوم, التمارين الرياضية, درجة حرارة الجسم, التوتر أو الجوع  على عملية التنظيم الطبيعية للنوم الخاصة بك.

 

 

كما أن شرب الكافيين أو التعرض للضوء القوي من الأجهزة الإلكترونية هي أمثلة أخرى على كيفية تأثير خياراتنا السلوكية على أنظمة الجسم الأساسية لإدارة النوم.

 

 

 

يجدر بالذكر بأن اخر الدراسات تقول بأن التعرض للضوء من الأجهزة إلالكترونية له تأثير صغير جدا على جودة النوم ولكن المشكلة تكمن أيضا في نوع المحتوى الذي تشاهده حيث يمكن لأخبار سيئة أن تجعلك مستيقظ طوال الليل.

 

 

يتم إدارة هذه العمليات المتعددة الجوانب من قبل عدة أجزاء من الدماغ بما في ذلك الغدة النخامية، والمهاد، والغدة الصنوبرية والقشرة الدماغية وغيرها.

 

 

 

وحقيقة أن العديد من أجزاء الدماغ مشاركة في اليقظة والنوم، بما في ذلك مراحل النوم، تعكس بشكل إضافي التعقيد البيولوجي للنوم.

 

ما هي المواد الكيميائية والهرمونات التي تنظم النوم؟

 

العديد من المواد الكيميائية والهرمونات تشارك في آليات التوازن بين النوم واليقظة والساعة البيولوجية. التحول بين اليقظة والنوم يخلق تغييرات في الآلاف من الخلايا العصبية في الدماغ ونظام توجيه معقد يُثير ردود فعل محددة في الجسم.

 

 

حتى الآن، هناك الكثير مما لا يزال مجهولًا حول العمليات المعقدة التي تتحكم في النوم، ولكن الباحثين اكتشفوا بعض المواد التي تبدو مهمة في آلية النوم.

 

 

المادة الكيميائية المعروفة باسم الأدينوسين تعتقد أنها تلعب دورًا مركزيًا في التوازن بين النوم واليقظة. يتراكم الأدينوسين عندما نكون في حالة اليقظة ويصل اعلى مستوياته ليلا ويبدو أنه يزيد من الحاجة  للنوم. 

 

 

الكافيين، من ناحية أخرى، يقمع الأدينوسين حيث يرتبط مكانه في المستقبلات الموجودة في جهازنا العصبي المركزي، مما يمكن أن يشرح جزءًا من كيفية تعزيزه لليقظة.

 

 

 

الناقلات العصبية أو (Neurotransmitters) هم مواد كيميائية ترسل إشارات داخل الجهاز العصبي لتنشيط أو تعطيل بعض الخلايا. أمثلة على الناقلات العصبية المشاركة في تعزيز اليقظة أو النوم تشمل GABA، والأستيل كولين، والأوريكسين، و السيروتونين.

 

 

الهرمونات أيضًا تلعب دورًا مكملًا في التوجيه وتنظيم حالات التوازن بين النوم واليقظة. الميلاتونين، الذي يعزز النوم وينتج بشكل طبيعي عندما ينخفض التعرض للضوء، هو واحد من أشهر الهرمونات المتعلقة بالنوم.

 

يجدر بالذكر هنا بأن ما يباع في الصيدليات يحتوي على جرعات فوق طبيعية وتعبر أكثر من حاجاتنا. هذا مهم لأن للميلاتونين، تأثير مثبط على هرمون النمو فيجب الحذر عند اعطاءه للاطفال و المراهقين.

 

 

الهرمونات الأخرى المهمة المتعلقة بالنوم تشمل الأدرينالين، والكورتيزول، والنورأبينيفرين. ويمكن أيضًا أن يؤثر النوم على إنتاج الهرمونات الحيوية، مثل هرمون النمو وكذلك هرموني ليبتين وجريلين التي تنظم الشهية، مما قد يمارس تأثيرًا على التوازن بين النوم واليقظة ونظام الساعة البيولوجية.

 

 

وظيفة هذه المواد الكيميائية والهرمونات قد تكون مختلفة في بعض الأشخاص استنادًا إلى لعوامل وراثية ولهذا السبب قد تظهر بعض اضطرابات النوم مثل اضطرابات التنفس أثناء النوم في بعض العائلات.

 

 

يمكن أيضًا أن تؤثر البيئة واختيارات نمط الحياة على التوجيه و الإشارات الكيميائية والهرمونية المسؤولة عن النوم.

لماذا النوم مهم؟

 

على الرغم من أن الخبراء حتى الآن لم يصلوا إلى تفسير موحد لسبب وجود النوم، إلا أن هناك العديد من المؤشرات التي تدعم رؤية أنه يخدم وظيفة بيولوجية أساسية.

 

في البشر، يبدو أن النوم أمر ضروري للتنمية البدنية والعقلية سواء في الأطفال والشبان.

 

 

بالنسبة للبالغين، تم ربط نقص النوم بمجموعة واسعة من العواقب الصحية السلبية بما في ذلك مشاكل القلب والأوعية الدموية، وضعف الجهاز المناعي، وزيادة خطر السمنة والسكري من النوع الثاني، وضعف التركيز والذاكرة، ومشاكل الصحة العقلية مثل الاكتئاب والقلق.

 

هذه التداعيات المتنوعة لعدم النوم تقدم دعمًا قويًا لرؤية أن النوم ليس له غرض واحد بيولوجي فقط ولكن بالواقع يمثل مساهمًا رئيسيا و مهمًا في الوظائف الصحيحة لجميع أنظمة الجسم.

 

 

 

الملخص:

في هذه المقالة تعرفنا على كيفية تنظيم الجسم لعملية النوم من خلال التوازن بين النوم واليقظة ونظام الساعة البيولوجية.

 

يعتمد التوازن بين النوم واليقظة على حاجتنا للنوم بناءً على مدى استيقاظنا، بينما تؤثر الإضاءة والوقت والتعرض للضوء الشمس على نظام الساعة البيولوجية. المواد الكيميائية والهرمونات مثل الأدينوسين والميلاتونين تسهم في تنظيم النوم.

 

الشعور بالراحة ليس هدف النوم الوحيد بل هو مهم لصحتنا العامة ويساهم في تجديد الجسم والعقل.النوم غير الكافي يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية مثل القلق والاكتئاب وأمراض القلب والسكري.

 

 

لذا، من المهم الاهتمام بنومنا والعمل على تحسين جودته ومدته من خلال الحفاظ على أنماط نوم صحية وتجنب التوتر والإجهاد والضوء القوي قبل النوم.

 

 

Scroll to Top